عدد الرسائل : 2 العمر : 35 المزاج : عارضة الطاقة : نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 29/09/2008
موضوع: الحرب الباردة الإثنين سبتمبر 29, 2008 4:34 am
تأثير الازمة على العلاقات الأميركية/الروسية. صحيح أن المعتدي في هذه الحرب هي جورجيا –فهي التي ابتدأتها، وهي التي اجتاحت بقواتها العسكرية أوسيتيا الجنوبية رامية قفاز الحرب في وجه روسيا– وصحيح أن هذا التجرؤ على الشقيق الأكبر (الأشقاء السوفيات لمدى يزيد على السبعين عاما) ما كان ليحدث لولا التنسيق مع أميركا وتشجيعها بل تحريضها عليه. هذا التنسيق يكشفه التسليح الأميركي/الإسرائيلي السابق للجيش الجورجي كما تدل عليه المسارعة الأميركية بنقل القوات الجورجية من العراق إلى ميدان الحرب، وما تظهره أميركا من دعم لوجستي وسياسي، وحشد إعلامي ضد روسيا. وأخيرا فإن الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي أذكى من أن يقدم على الحرب دون تنسيق مع السيد الأميركي، ولكن السؤال ما الذي دعا إدارة بوش إلى دفع جورجيا إلى شن حرب هي الأخطر منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. اولالأنها حرب في أوروبا، ثانيا حرب ضد روسيا مباشرة ، ثالثا روسي اليوم هيا ميدفيديف وبورتين،و ليس يلتسين بالتأكيد، رابعا هي حرب مواجهة بين روسيا وأميركا ؟.
ردود الفعل الجورجية والأميركية على ضخامة الرد الروسي العسكري الحاسم تدل على ارتباك ووقوع بالمفاجأة، كأن روسيا هي التي شنت الحرب وليسوا هم (بوش، وساكاشفيلي، ورؤساء أوربيون آخرون). إذا كان المعنيون وراء العدوان العسكري الجورجي على روسيا لم يقدروا أن يكون رد الفعل العسكري الروسي بهذا الحجم والحسم، فهذه مشكلتهم، لا سيما إدارة بوش التي كتب عليها قدرا أن تخطئ في كل تقدير موقف اتخذته، فمن ذا الذي يمكنه أن يخطئ في رؤية الفارق بين يلتسين، وبوتين وميدفيديف، دون التقليل من أهميته، أو بين روسيا يلتسين، وروسيا بوتين؟ يبدو لا أحد غير جورج دبليو بوش يمكنه أن يفعل ذلك حتى غدا خبيرا اختصاصيا في ارتكاب الأخطاء أو في تخريب بيت كل من يحالفه، أو يتواطأ معه أو يسايره، بهذا القدر أو ذاك.. وليس حال برويز مشرف ببعيد مثلا.
قد يذهب البعض إلى القول إن فشل إدارة بوش في التوصل إلى اتفاق بين أولمرت وعباس بالرغم مما بذل ويبذل من جهود، وما تحقق من خطوات لم تعلن، كما أن التردد في شن حرب ضد إيران بالرغم من أنها لم تزل على الأجندة وتحت الأخذ والرد، فرضا على إدارة بوش الواقعة تحت ضغط الانتخابات أن تجرب حظها ضد روسيا من أجل خدمة الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية والنصفية للكونغرس، وذلك بنقل الحرب ضد روسيا إلى حرب إعلامية، وتحويل الأنظار عن مسلسل الإخفاقات على كل صعيد. بيد أن الرد الروسي العسكري إذا ما تكلل بنصر سياسي من خلال فرض أغلب الشروط الروسية قد يقلب السحر على الساحر في الانتخابات الأميركية أيضا، فباراك أوباما واقف بالمرصاد مزايدة ضد الروس ونقدا لأخطاء إدارة بوش. أما من جهة أخرى، وهذا هو الأهم، فإن تجربة حرب جورجيا أميركا ضد روسيا، ومهما كانت النتائج، أعادت لروسيا هيبة الدولة الكبرى عسكريا، وأين؟ في قلب أوروبا حيث يعني التدخل العسكري بهذا الحجم تصعيدا يلوي الأذرع، أو يذهب إلى الاقتراب من النووي في حال التدخل الأميركي المباشر، أو إلى بداية حرب باردة ذات نكهة(شروط وسمات) غير تلك التي كانت بين المعسكرين السوفياتي والأميركي. خروج روسيا بحل سياسي في مصلحتها بعد ردها العسكري سيكون فاتحة لتغيير في أولويات الإستراتيجية الأميركية مع كل من ماكين وأوباما، بل إن أميركا منذ الآن بحاجة إلى صوغ إستراتيجية يتفق عليها الحزبان. وذلك تمشيا مع التقليد الأميركي حيث لا بد من اتفاق الحزبين على الأولويات الأساسية لإستراتيجية أميركا الخارجية، وهو ما شذ عنه المحافظون الجدد حين استفردوا بوضع إستراتيجية تخطت ما كان متفقا عليه بين الحزبين، وتركوا أصحاب إستراتيجية الحزبين الجمهوري والديمقراطي يلهثون وراءهم ضاربين كفا على كف. هذه الإستراتيجية المفترضة لا بد من أن تضع في أولوياتها محاصرة روسيا والصين، كلتيهما أو إحداهما، وضبط تطور الهند والبرازيل، واستعادة الموقع القيادي للدولار الذي أخذ يتدهور، وإنقاذ الاقتصاد من الركود والتضخم، ومن ثم إعادة علاقاتها بمختلف الدول على ضوء الإستراتيجية الجديدة.وإذا ما صح ذلك فسوف تخبو الحملة المفتعلة النابعة من إستراتيجية المحافظين الجدد ضد الإسلام والمجتمعات الإسلامية، أو ما عرف بالإسلاموفوبيا. فالمعيار للعلاقات بين الدول سيرتبط بالموقف من الأولوية الجديدة التي ستحدد للإستراتيجية، ولا يستبعدن أحد أن يصار إلى استخدام بعض الحركات الإسلامية والبلدان الإسلامية ضد روسيا أو الصين عندئذ. ما حدث في الوضع العالمي حتى الآن هو أن دولا كبرى، بما في ذلك أوروبا الغربية أخذت في الصعود لتحتل موقعا قياديا في النظام الدولي الجديد الذي لم يتكون بعد انتهاء الحرب الباردة، وقد تجاوز مرحلة محاولة أميركا جعله أحادي القطبية، وأخذ يتجه رويدا رويدا منذ 1995 نحو تعدد القطبية، وقد تكرس ذلك الاتجاه اليوم بشكل صارخ مع ما حدث من تغييرات في عهد إدارتي جورج دبليو بوش، الأولى والثانية. إن حرب جورجيا ستشكل في تداعياتها علامة لإعادة تشكل العلاقات الروسية
الحلقة الثالثة صحوة الدب الروسي وموقف العرب وقرائتهم للأزمة وكيفية الاستفادة منها